زوجي وعمله والغيرة
الإستشارة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في حيرة من أمري واصبحت اشعر إني غير طبيعية بالتعامل على الرغم من أني لمن اكن كذلك من قبل أنا فتاة متفتحة وواقعية ولكن زوجي وعمله المختلط اصبح سبب قلق لي في حياتي الزوجية ووصلت لمرحلة الوسوسة لاني لا اعلم كل شي يدور بالعمل واصبح غامض معي من ناحية الدوام وهذا الشي لايريحني بصراحة خاصة أن اغلب الفتيات غير محجبات أريد نصيحة او حل حيث اصبحت على وشك خراب بيتي بسبب هذا العمل على العلم إنه يحلف أنه يخاف الله فيني ولكن مجرد فكرة أنه كل يوم ينظر الى الفتيات هناك اصاب بجنوون .ماذا افعل؟
الإجابة

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: نشكر لك تواصلك مع جمعية مودة للتنمية الأسرية برنامج الاستشارات الإليكتروني . في البداية سأتناول موضوع الغيرة بشكل عام باعتبار الغيرة صفة لدى كل النساء وإن تفاوتت النسب فيما بينهن, لكن الغيرة تختلف ما بين الجنسين الرجال والنساء لأن المرأة تتميز بأنها غيورة لأن الرجل يفكر بعقلانية والمرأة تفكر بالعاطفة ولا تكترث للعقل والتفكير المنطقي مما يؤدي إلى تأجج عاطفتها . والغيرة هي عبارة عن حالة نفسية انفعالية مكتسبة من الظروف التي تحيط بنا ومن المواقف التي نمر بها . فقد تصنف الغيرة بأنها ضرب من ضروب الدفاع عن النفس، بيد أنها تكون كسائر الصفات والطبائع والنزعات الحسنة التي تنعكس لتصبح وبالا على المتصف بها فتبطش به بطشا إذا ما أسرف فيها, فكما يقال كل شيء في الحياة " سلاح ذو حدين " . فالغيرة كسائر الأمراض النفسية تفتك بصاحبها، فيختل توازنه، ويضطرب حبل شخصيته وتضطرب حياته الوجدانية وينبري جسمه، وتنحط قواه العقلية، ويقل إنتاجه ويعيش بقلق مستمر .... قال القاضي عياض: الغيرة مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين ". والغيرة نوعان : • غيرة إيجابية ( محمودة ) : وهي التي تؤجج نار الحب بين الزوجين فكيف يكون الحال عندما يشعر كل منهما أن هناك شخصا يخاف عليه ويشتاق إليه، ويود أن يمتلكه هو وحده ليبعد عنه الآخرين ويقيه شر الأخطار. • غيرة سلبية ( غير محمودة ) : وهي غيرة مذمومة لأنه لا أساس لها، فلا يوجد مبرر للغيرة، حيث تعيش المرأة الغيورة في شقاء وتعاسة وبذلك سيدخل هنا سوء الظن والشك بلا مبرر، وسيدخل أيضا قول وعمل ما لا ينبغي, فما أشقى المرأة الغيورة وما أتعس حياتها . أعلمي أن للغيرة حدود ولابد علينا من وضع خطوط أساسية بما يضمن سير الحياة الزوجية بطريقة معتدلة بعيدة عن التطرف سواء سلباً أو إيجاباً فخير الأمور أوسطها, فنقول: لا لغيرة تحرق القلوب وتتحول إلى شك وسوء ظن ومرض واكتأب ووساوس, ولا لانعدام الغيرة بحيث يتحول الموضوع إلى إهمال وجمود عاطفي . أختي الكريمة: الغيرة شيء جميل ولكن كيف نحوّرها ونطوّرها لتصبح جميلة وغير مؤذية للطرفين, وعلى الزوجين تجنب ما يثير الشبهات والريبة وعليهم بتقويم السلوك وتفادي الخطأ المتكرر لنفس المواقف. وبخصوص مشكلتك فأنا أوجه لك رسالة وأقول لك ثقي بزوجك أكثر لأن الظروف التي يمر بها ليس دائمة فهي فترة العمل وستنتهي وافرضي التفكير الإيجابي على عقلك وأقنعي نفسك بأن زوجك يؤدي عمله الذي يصب مصلحتها لك أنت وأولادك ليصنع لك ولهم مستقبلاً أمن بإذن الله, وأنت أدرى الناس بأخلاق زوجك, وعليه أنصحك بالآتي :  دعاء الله عز وجل بأن يثبت قلبك وأن تمر هذه المرحلة على خير .  الدعاء لزوجك بالصلاح وباشريه في خروجه بالدعاء له بقولك( استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ) ، عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله إذا استودع شيئاً حفظه)). رواه الإمام أحمد.  لا تفتحي عيني زوجك على أمور قد تكون بالأصل غائبة عنه.  لا تظهري له ضعفك بالغيرة وكوني دائماً واثقة من نفسك.  تعايشي مع الواقع فلن تغمضي عيني زوجك وتقودينه بيديك فكل مكان فيه ما فيه سواء الأسواق أو الشارع أو المتنزهات أو المستشفيات أو أي مكان, لذا علينا معالجة المواضيع بحكمة وروية .  لا تنس زوجك من الرسائل القصيرة التي تبعث فيه الحب والشوق إليك أثناء ذهابه لعمله وتظهري له فيها ثقتك به، واجتنبي الاتصال أو ارسال الرسائل التي توحي بالعتاب ونحو ذلك.  كوني على يقين بأن الزوج لا ينظر إلى الخارج إلا إذا أحس بنقص في الداخل, فلتكوني أنت مكملة لهذا النقص .  ليكون الحوار بينك وبين زوجك بخصوص عمله عن المستوى الاقتصادي والعائد الايجابي على الأسرة, ولا يكون الحوار تحقيق معه بكونه متهم لأنه يعمل في بيئة مختلطة .  لا تجعلي الغيرة تقودك إلي مواطن التهلكة والتعاسة .  انتبهي فإن الغيرة الزائدة قد تجعلك تعيشين بقية حياتك مريضة نفسية تتنقلين بين عيادات الطب النفسي وفي هذه الحالة ستجبرين زوجك للبحث عن بيت أخر أكثر أماناً وصحة .  الغيرة الزائدة المذمومة قد تؤدي بصاحبها إلى الانتحار وارتكاب جريمة. وقد يكون عند تواصلك مع زوجك وحديثك معه حول نفس الموضوع قد يغضب أو يظهر لك تضجره من أسلوبك وتكراره وهذه العصبية وقد يعاني الزوج من عدة هموم وضغوط تجعله يعبر عن مشاعره بالعصبية ورفع الصوت وليس عنده الاستعداد لتقبل أي ممارسات من الزوجة يلمس منها نوع من الجدال والنقاش لأن باله مشغول بما يراه هو أهم من الحوار والنقاش مع الزوجة والالتفات لرغباتها وحاجاتها ومنها ما يكون بسبب ديون وإلتزامات مالية يضيق بها الزوج لعدم قدرته أحياناً على الوفاء بها ، وبالتالي حينما لا تدركين سبب عصبيته أو ما يشغل همّه وتفكيره فتقومين بممارسة الضغط عليه ولكن لعدم مراعاة مشاعر الزوج يحصل الخلاف فتعتقدين أنه لا يؤمن بالنقاش معك. الأمر الآخر قد يغفل الكثير من الزوجات عن الوقت المناسب للحديث مع شريك الحياة فتعتبر من وقت دخوله للمنزل هو ملك لها فيمكنها التعامل معه بأي شكل وبأي صورة دون الالتزام بمبادىء التواصل والاتصال بالآخرين فطبيعة المرأة أنها تكون اجتماعية مع بنات جنسها فيسهل عليها الحديث معهن أما الرجل فليس من طبيعته ذلك بل يشعر أن له مكانة وتقدير واحترام بل ربما حينما تمارسين معه نفس الأسلوب مع النساء فيعتبر ذلك عدم احترام له فتلاحظين أنه لا يتقبّل هذا الأسلوب ويعبر عن ذلك بالعصبية ، إذا أردت الحوار معه عليك بأخذ الأمور التالية: 1- اختيار الوقت المناسب : فحينما ترى الزوجة شريك حياتها أقبل من خارج المنزل عليها ألا تتحدث معه بأي طلب أو أن تقوم بمناقشته في أمور مختلفة معه من السابق فلا شك أنه سيقوم بالانفعال من هذا الأسلوب ولن يكون مستعداً للتفكير فيما تقولينه فتكون ردة الفعل سلبية ومع تكرار الأسلوب تزداد ردود الفعل السلبية ، فاتركيه يرتاح بعد دخوله لمدة عشر دقائق أو ربع ساعة ويمكنك التفكير في طريقة استقباله قبل التفكير في مناقشته وحواره أو التفكير في سلبياته ومن الأساليب : تهيئة مكان الراحة من ناحية الجو فيكون التكييف مناسبا له ليس باردا جدا أو حارا وقد تستقبلينه بشيء بارد يحبّه ونحو ذلك وهذا مما يسهم في تنشيط دورة الحياة الزوجية ولا مانع من ابتكار أي أسلوب مناسب لكم . 2- بعد أن يصل لدرجة من الراحة والأمان النفسي من الضغوطات الخارجية يمكنك البدء بالسؤال عن حاله وإعطائه الفرصة للتنفيس عن همه فالإنسان بطبعه يميل لمن يقوم بمشاركته همومه ويريد أي أحد يقف معه وما أجمل حياته حينما يرى أن زوجته تقف معه وتسنده ، وتخبرنا أمنا عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن الحادثة التي حصلت له وهو في الغار حينما كان لقاؤه مع جبريل عليه السلام لأول مرة تقول: فرجع صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال زمّلوني زمّلوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل الله على موسى يا ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أَوَمُخرجيّ هم قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي. أخرجه البخاري في صحيحه. لو تأملنا هذا الموقف كيف لجأ النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته خديجة بعد ما أصابه الفزع ثم قامت بالتهدأة من روعه وساهمت في حل ما يعانيه وقامت بعرضه على ابن عمها ليفسر الحدث الذي عاينه صلى الله عليه وسلم ، فما اجمل حياة الزوج حينما يجد إمرأة تقف معه بل وتسعى لتفريج همه والتخفيف منه. 3- في بداية الحوار يمكنك اختصار الطلب أو القضية التي تودين مناقشتها معه لأن الرجل بطبيعته لا يحب التفصيل في الأحداث والمواقف بل يحب الإيجاز والوصول لما تريدينه بسرعة دون تأخير، فإذا لاحظتي استئناسه في الحديث معك يمكنك الانبساط في الكلام. 4- لابد أن تقتنعي بوجود الاختلاف في الفهم والتفكير ومعالجة الأمور فحينما يحصل موقف ويقوم الزوج بالتعامل معه بما يراه مناسبا وليس كل ما تعتقدينه هو الصحيح وغيرك هو الخطأ بل على الزوجة أن تتقبل أسلوب حياة زوجها كما هو ولا تفكر بتغييره إلا في اضيق الحدود. 5- حينما يبتدأ الزوجان بالحوار قد يختلفان حول امر معين فلا مانع أن تقوم الزوجة بتأجيل النقاش إذا لاحظت غضب الزوج وعدم تقبّله للفكرة ويستحسن أن تبدأ الزوجة بالنقاط المتفق عليها حتى يستسيغ الزوج الحوار والنقاش. 6- قد يكثر من الزوجة نقد لتصرفات زوجها دون مراعاة رجولته ومكانته في الأسرة وإعطائه قيمته فحينما يشعر الزوج بعدم احترام الزوجة له فيبدأ يتعامل معها بصورة سلبية. أختي الكريمة : لا تكوني عجلة في اتخاذ قرار الطلاق وأنه هو الحل قومي بالممارسة الإيجابية التي ذكرناها وستجدين - بإذن الله – كل التقدير والاحترام من الزوج ،بل إنه قد يتأثر يوما ما ويشعر بخطورة عمله في بيئة مختلطة فيسعى لتغيير العمل حفاظاً على نفسه من الزيغ والضلال ولاينفك لسانك من دعاء الله عزوجل له بأن يصلح لك زوجك وأن يعينك على القيام بحقوقه وان يكفيك سلبياته ويرزقك خيره فالإلتجاء إلى الله تعالى أهم الأمور التي يجب على المسلم أن يسلكها في كل أمور حياته. ختاما إذا رغبت في التواصل مع الجمعية للاستزادة واخذ الوسائل المفيدة للتعامل مع المواقف الأسرية المختلفة وبإمكانك التواصل مع الارشاد الهاتفي على الرقم (920001421 ) أو أخذ موعد لدى الارشاد بالمقابلة على الرقم (920001426 ) أو الاطلاع على دورات وبرامج الجمعية من خلال الرابط almawaddah.org.sa/activities:// http كما نأمل الدخول إلى الرابط لقياس جودة الخدمة المقدّمة من الإرشاد الإليكتروني https: //goo.gl/froms/erzcjklklaavpz9f2 أسأل الله تعالى لكما سعادة الدارين وأن يرزقكما الذرية الصالحة وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين تشرفت بالاجابة على استشارتك المستشار الأسري أ.أحمد مفرح الغامدي