الزواج حسب المواصفات
الإستشارة
عمري 33 عاما عزباء و لي مواصفات أتمناها في شريك حياتي منذ أعوام لا أريد أن أتنازل عنها حتى لما كبرت الحمد لله خطابي كثير لكن الكمال لله لم يأتِ أحدهم على ما أتمنى رغم أني لا أرى شروطي وامنيتي في شريكي تعجيزية ..الأيام تجري والعمر يمضي ولا اريد ان اتنازل إذا كانت مواصفات الشخص تمام يكون غالبا متزوج وإذا كان غير متزوج راتبه جدا ضعيف او متقاعد انا لا اريد رجل لا يعمل حتى لو كان يملك مال كثير ..لا ادري ما بوسعي ان اعمل كل من حولي يحذروني أن ألحق على عمري وان لا اتشرط ..ماذا تنصحوني غير الخطابات أو أطلب من أحد يبحث لي لأن هذا مستحيل ..وجزاكم الله خيرا ..
الإجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،، حياك الله أختي الكريمة ، إن توجهك لطلب الاستشارة لهو دليل وعيك و حرصك بارك الله فيك . أختي الغالية ،،، إن هذه الحياة التي خلقها لنا الله ، مؤقتة و مليئة بالاختبارات و الصعوبات ليبلونا , يبلو قلوبنا و أعمالنا . لذلك علينا أن نعلم أن في كل مرحلة من مراحل حياتنا هنالك صعوبات بقدر هذه المرحلة ، لا يوجد كمال و سعادة مطلقة ،، فأنتي و أنتي طالبة مررت بصعوبات تناسب حجم سنك و خبرتك و وأنتي أخت و أنتي ابنة و أنتي صديقة في كل هذه المراحل مررت بصعوبات تناسبها . وتلك سنة الحياة ، بل و جمالها . فالمحن تجلو النفوس كما تجلو النار الذهب . لذلك عليك أن تعلمي أن مرحلة الزواج القادمة لا بد وأن تحوي صعوبات تناسب قدرها، ولكنها كذلك ستحوي بإذن الله السكن والامان والسعادة والفرح، تفاؤلك العظيم بعطاء الله لا ينفي اطلاقاً أن تتوقعي أن تمري برياح غريية وشرقية، لأن كما ذكرت لك هذه طبيعة الحياة وسنتها والحمدلله. يتوقع الكثير من الأزواج قبل زواجهم تفاهماً مطلقاً بينهم و محبة و مودة غالبة و توافق في الأفكار و الطباع ، وعند أقل سوء تفاهم يواجهونه تنهار هذه الأحلام كلها و التوقعات و تبدو الحياة الزوجية ضيقة جداً و حينها يهربون منها . وهذا أمر خاطئ .. ان الله بحكمته لم يخلق البشر متشابهين في الطباع و التصرفات ، لكل واحد منا طريقه الخاص و نظرته المختلفة ، حتى الاخوة المقربون و حتى الام وابنتها لا بد وان تجدي اختلافات بينهم و سبحان الله ، وما أجمل حكمة الله في ذلك . فالاختلاف رحمة و جمال، علينا أن نستمتع به و نستكشفه لا أن نحاربه و نقمعه . اعلمي بأن زوجك القادم باذن الله لابد و أن يكون مختلفا عنك ولا بد أن يحوي بعض الصفات التي لا تعجبك ولكن افرحي لذلك و اسعدي له ولا تحزني ، فصفاتك تكمل صفاته و طباعك ستحاكي طباعه باذن الله . أختي الغالية ، من الجيد أن يكون لديك تصور كامل عن مواصفات زوجك المستقبلية ، ولكن اعلمي أنك لا تعلمين! و اعلمي أن نظرتك مهما كانت حكيمة برأيك إلا أنها تقصر عن اشياء كثيرة! أنتي لا تعلمين ماهو الأصلح لك , وإن تصورتي ذلك . الناس مجاهيل ، و بواطن الأنفس لا يعلمها إلا الله ، وقد قيل ( كل خاطب كاذب ) فكل انسان يظهر الحسن دائما و يخفي القبيح وهذا ما جٌبلنا عليه في خلقتنا . وإذا علمتِ نقصك في الاختيار فلمن تتوجهين؟ لمن يعلم النواقص كلها سبحانه . تذكرت فتاة حديثة السن سُئلت عن رأيها بالزواج التقليدي وكيف لها أن تتزوج شخصاً لا تعرفه ولا تعرف طباعه ، فأجابت اجابة رائعة لم أنساها حتى الآن ، قالت : صحيح أنني لا أعلمه، ولكني أثق بالذي خلقني و خلقه ، الله يعلمني حق العلم و يعلم ما يصلح لي فإذا اختاره الله لي فهو خيرٌ لي . كانت اجابة بسيطة ولكنها حوت معاني عميقة جداً ، كان التوكل التام في جملتها مؤثراً في نفسي . حقيقة لا تقبل الجدل ، مهما بلغ الانسان من علم ومهما عرف من نفسه و عرف من الآخرين و ادعى معرفته بعلم الشخصيات وبواطن الأمور و معاني التصرفات ، إلا أن علمه لا يزال ناقصاً . فاطلب منك أن تفعلي كما فعلت تلك الفتاة الصغيرة ، ( التوكل ) توكلي توكلاً تاماً على الله و فوضي أمرك اليه و ادعي يا اختي ، الدعاء ذو فضل عظيم ، ادعي في صلاتك و اطلبي الله أن يرزقك الزوج الذي يكون قرة عين لك و تكونين قرة عين له . (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) هذه الآية الكريمة كانت دعوة أحد الأنبياء عليهم السلام، الزميها في صلاتك و سجودك و سترين خيراً بإذن الله على الانسان أن يلجأ لله في أدق أموره ، كلها صغيرها وكبيرها . فلا تحقري أن يحوي دعائك كل التفاصيل الصغيرة التي تؤرقك و تتمنينها في زوجك . اختي الغالية، افرحي واسعدي ولينشرح صدرك واعلمي أن ما كتبه الله لك هو دائما خير، والقادم لك خير، وأنتي بخير الحمدلله. لا تقلقي بشأن تقدم عمرك ، فلتكن ثقتك بالله كبيرة جدا، لست وحدك بهذه الحياة ولا تسيرين فيها بغير هدى . أنت تسيرين وفق خطة محكمة عظيمة وضعها لك الله سبحانه. لن يضيعك ابداً . سترين الخير القريب بإذن الله . توكلي على الله ملء السماء، توكلي على الله بلا حدود، قوليها سراً و علانية ،(توكلت عليك ياالله وفوضت أمري اليك فإنك بصير بالعباد). أسأل الله لك حياة سعيدة مديدة و عائلة مطمئنة و قرباً وهداية وصلى الله وسلم على نبينا محمد خير صلاة و أتم تسليم .